منتديات التربية والتعليم الجزائرية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

اذهب الى الأسفل
زيراوي
زيراوي
المدير العام
المدير العام
ذكر
عدد الرسائل : 3863
العمر : 53
العمل/الترفيه : استاذ
نقاط النشاط : 78
نقاط : 1004
تاريخ التسجيل : 29/01/2008
https://msilaedc.yoo7.com

بنو هلال : المسيرة والتاريخ Empty بنو هلال : المسيرة والتاريخ

الإثنين 26 مايو 2008 - 0:26
بنو هلال : المسيرة والتاريخ/أ.د.حبيب مونسي/الجزائر
بنو هلال : المسيرة والتاريخ Jam5
بنو هلال : المسيرة والتاريخ
أ.د.حبيب مونسي.
تقديم :
كثيرا ما يكون البحث التاريخي مثار قلق دائم لدى المؤرخين ، وهم يرصدون
الأحداث استنادا إلى الرواية أو الآثار ، ما دامت هذه الأخيرة كغيرها من
الظواهر الإنسانية عرضة للتبدل و التغيير لما يطرأ عليها عبر الأزمنة من
تحولات تنجم عن دواعي سياسية

وقومية ودينية ومذهبية واقتصادية ، فيضمحل أثر المشاهد تدريجيا حتى يغدو
باهتا لا يعول عليه في بناء الحقيقة التاريخية ، أو نكسوه إضافات شتى ،
تعجل حقيقة غامرة في ثنايا ما أضفته الذاكرة الشعبية عليه ، مما يحلو بها
في نص من أزمنتها ، أو في مكان من أمكنتها.
لذلك ظل البحث في أصول الأجناس البشرية مجرد قراءة " فردية " نستنطق ما
خلفته الأيام من آثار، ربما عملت ظروف المؤرخ ونزعاته على تحويلها من
مقصديتها الأولى إلى تأويلات تخدم ما هو فيه. وكثيرا ما عنى التاريخ من
هذا الجنيف التبغيض حتى غدت الشواهد في أيدي الدارسين " عجائن" يديرونها
كما يشاؤون لخدمة أغراض ضيقة . وربما تطرق الشك من هذا الباب إلى كيفية
قراءة الخطوط القديمة من مسمارية وهيروغليفية ونبطية وهندية وغيرها وقد
أشار محمد نجيب البهبيتي في دراسة عن : الشعر العربي في محيطه التاريخي
القديم " إلى هذه الظاهرة وتشويه الأسماء القديمة وقراءتها " بلكنة "
غربية ، الأمر الذي أذهب عنها أصلها الأول وجعلها في منطوقاتها لا تتوافق
مع طبيعة الشعب الذي تنتمي إليه .وكذلك منع عثمان سعدي الباحث الجزائري مع
منطوق الكلمات الأمازيغية رادا أصولها الأولى إلى العربية قبل إسماعيل
عليه السلام .(1)
غير أن استنطاق المكتوب - والحال هذه – يتطلب منها اليوم إعادة "قراءة"
نعتمد فيها منطوقاتنا الخاصة ، وعندها ستتكشف لنا حقائق جديدة مادامت
اللغة العربية - التي نمتلكها اليوم – هي تقاطع لغات قديمة في ذات واحدة ،
ذات إسماعيل –عليه السلام- فقد زوده والده إبراهيم –عليه السلام-
بالآكادية التي كانت بأرض العراق ، وأضافت والدته السيدة هاجر –عليها
السلام-بالفرعونية ، وأحده محتضنوه الجرهميون بالحميرية ، فكان أن تفتن
لسانه أول مرة بالعربية ، وقد ورد على لسان الرسول  أن أبانا إسماعيل أول
من تفتن لسانه بالعربية .
وقد تكفي الدراسة المقارنة بين هذه الأصول من الوصول إلى المنطوقات
الحقيقة لهذه الآثار الكتابية، بدل الإعتماد على التشابه و التكرار الذي
إعتمده "شامبليون " الفرنسي في فك رموز الكتابة الهيروغليفية . وقد لا
يفضي التشابه إلى حقيقة لغوية مادمنا نشهد في لغتنا من الجناس التام و
الناقص ما يجعل الكلمات تتشابه وهي تختلف في دلالتها إختلافا كبيرا .كما
أن التكرار فيها قد لا يؤدي إلى كشف ذي بال . و نستطيع أن نضرب مثلا
التحريف المنطوق في كلمة "قرطاج " و التي معناها "قرية " حداش " أي القرية
الحديثة والتي صحفت إلى "قرتاش" بتعطيش " الجيم" وكذا الأمر في (Hannibal)
و الذي أصله "حنى " بعل" أي" نعمة إليه" و"Hamilcar" أي حامي القرية والذي
حارب الرومان في صقيلية(2) وكلها أسماء فينيقية شاعت في المشرق وشمال
الإفريقي .
ولا يمكن أن نفصل في حديثنا عن القبائل الهلالية . بين نروحها إلى الشمال
الإفريقي عامة والجزائر خاصة وانتشار اللسان العربي ، مادامت هذه اللغة
تحمل معجميتها خصائص هذه الأقوام وأذواقهم في حلهم وترحالهم ، وإدراك
طبيعة اللغة يكشف لنا عن الطبيعة القوم في أخص خصائصهم .
1- من هم الهلاليون ؟ :
ذكر النسابة العرب القدامى ، سلسلة من أسماء . تداولتها كتب التاريخ على
اختلافها هم قبيلة : "هلال بن عامر سعسعة بن معاوية بن بكر بن هوزن بن
منصور بن عكرمة بن حفصة بن قيس بن عيدان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان
"(3) ، وهي أنساب تشهد بأن الهلاليين ينحدرون من عدنان جد القبائل العربية
الساكنة شمال جزيرة العرب في غابر الزمان والمتميزة عن القبائل القحطانية
القاطنة في جنوبها وقد ذكر البكري أن : "الحجاز اثنتا عشر دارا..." ومنها
دار بعض هوازن ، وجل هلال " (4) كما أكد أن الاصضفري أن الغالب على نواحي
مكة مما المشرق بنو هلال(5) وهناك أودية عرفت بأنها لهم مثل وادي (جلذان)
في شرق الطائن وأسفل وادي "تربة"و "بيسة" فطلق تلك ديارهم حتى مجيئ
الاسلام رواية عن البكري : "جاء عز وجل بالاسلام وقد نزل الحجاز في العرب
...هلال ... نزلوا جبال الحجاز تربة وبيسة ، وظهر تباله على محجة اليمن من
مكة إليها وهم مخالطون هلال بن عمر"(6). الأمر الذي يشهد بحقيقيتين
: انتشارهم الواسع على مشارف الحجاز ومكة وعددهم المعتبر فهم على طرق مكة
جميعها يمتلكون بواديها غير بعيد ين عن مركز التجارة والتقاطع القبلي غير
أنهم بالرغم من ذلك ظلوا بداة ، يحافظون بنيتهم الاجتماعية على أبرز خصائص
القبيلة العربية ، فهي بطون نتحمل ببعضها بعض اتصالا وثيقا يقوم على
التماسك حتى وإن أدنى كما تماسها إلى إثارة بعض الشحناء المتصلة بأسباب
المعاش والماء ، ولكنا نزاعات لا تعتم تتلاشى سريعا .
وربما فسر ابتعادهم عن مكة ، والتزام أطرفها العالية ، ابتعادهم عن الدين
الجديد وتأخذ دخولهم في ظل رايته ، كما يفسر استمرارهم في حياتهم الأولى ،
اضطراب موقهم من تعاليمه ، فقد خاض بنو هلال في نجد الحجاز مع بني سليم
وبني عامر يغيرون على قوافل الحجيج والقبائل ، الأمر الذي أكسبهم سمعتهم
في القتال والصبر عليه ، وقد اشتغل بعض المؤرخين هذا الجانب لوصم القبائل
الهلالية بالنهب ، ومنه كانت هجرتهم إلى المغرب سببا في خرابه الاقتصادي ،
وقد عزز ابن خلدون هذا الاعتماد الذي انتقل إلى طورخي الغرب أمثال "E.F
Gautier"(7) و "Golvin"(Cool ، وقد فات هؤلاء المؤرخين أن صفة الغزو والغارة
، لم تكن من الصفات المسهجنة في العصر الجاهلي ، بل كانت عنوانا للقدرة
والنفود ، وضه كانت كل قراءة لهذه الصفات تبعتد عن الواقع الجاهلي قراءة
مفرضة لا تستطيع إدراك حقيقة بني هلال ، ثم إنهم استمروا على تلك الحالة
حتى بعد مجيء الاسلام ، وقد ذكر ابن الأثير، أنهم كانوا فيمن شارك في
الهجوم على المسلمين يوم حنين(9) ، وقد امتد هذا الاعتداء إلى غاية القرن
الثالث الهجري حين تطاولوا إلى أطراف المدينة المنورة ، كما أن الخليفة
العباسي التاسع (الواثق باليه) استعملهم لاضماد الفوضى بالحجاز . غير أن
هذه السمة "الأعرابية" لم تمنع من ضهور علماء لديهم اشتهروا بالورع
والثقافة والعلم ، ويشير ابن دريد إلى حميد بن ثور الهلالي وغيره ، ولكن
المؤرخين يتفقون على أن استطانهم المغرب هو الذي مكنهم من تسرب المبادئ
الصحيحة للإسلام علما وسلوكا(10) . وربما ساعدهم عامل الاستقرار الجديد
على تروي روح الدين الإسلامي وانتشار المعرفة فيهم ، خاصة بعد تجربتهم
المريرة مع القرامطة .
2- بنو هلال والقرامطة :
إذا كنا قد قررنا تأخر الإسلام الهلاليين ، وبقاهم على سجيتهم أعرابا
يجوبون صحراء نجد إغارة وغزوا وبحثا عن الكلأ والماء ، فإن هذا العامل
المتحرر من كل التزام خارجي ساعد على استجابتهم لدعوة القرامطة التي تلبست
بشيء من المطالبة الاجتماعية وشيء عن المشروعية التي تتبع لكل واحد أن
يثبت ذاته من خلال ما يريد ، خاصة وأن السلطان العباسي كان ينظر إلى
الحجاز على أنه مرجل ثورة يغلي دوما . لقد حاول الهلاليون في بدء أمرهم
الاتصال بصاحب الزنج الذي قاد ثورة العبيد الذين يكسحون السباخ على مشارق
العراق مما يلي الجزيرة .
ومن نافلة القول أن القرامطة رع من فروع الشيعة الإسماعلية ، ننلبس نزعة
شيوعية ، ترمي إلى تطبيق العدل ظاهريا وخلق المساومة بين الناس من خلال
التنازل عن الملكية الفردية للجماعة (11) ، وقد وجد الثائرون في هذه القوة
مناسبة للتخلص من السلطة العباسية ، والجدية بالذكر د حملوا قبل ذهابهم من
العراق أعلاما بيضا كتبوا عليها الآية الكريمة : "ونريد أن نمن على الذين
استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارئين"(القصص الآية : 5)(12) :
وقد كان مبتدئ الثورة مع حمدان قرمط بواسط ، بين الكوفة و*** كون هذه
المنطقة تربة صالحة لقيام ثورة حيث ان شريحة السكانية هي أخلاط من العرب
والنبط و الزنج العاملين تحت سلطان الإقطاع وقد سبتت بها ثورة الزنج التي
أخمدت سريعا. وأسس حمدان قرمط "دار الهجرة" التي كانوا نؤدون إليها خريبة
الخمس للإشتراك في أكل الخبز الفردوس ، واتسعت دعوتهم خارج العراق بواسطة
الدعاة و المرسلين إلى البحرين واليمن خاصة ، وقد إستطاعوا تأسيس جمهورية
شيوعية في البحرين على رأسها أبواسعيد الجنابي ، ومنها إنطلقوا يهددون
البصر وبغداد ، وقد عم الذكر جميع أطراف الإخلافة في عهد رئيسهم أبي طاهر
الذي خلف أبا سعيد سنة 301 .
لقد كانت علاقتهم بالإسماعيلية واضح من خلال الدعوة إلى دين جديد باسم
إمام جديد الزمان المحجوب باسم المهدي الذي سيملأ الأرض عدلا كما ملأت
جورا ولذلك السبب أنهم حين توجهوا إلى مصر كتب إليهم الخليفة الفاطمي :
المعز لدين الله كتابا يذكر فيه : "أن الدعوة "(13) غير أن هذه العلاقة لم
تدم لإختلافهم في المقاصد والأراء ، مدام الفاطميون قد ركنوا إلى تأسيس
سلطة شبيهة بالسلطة العباسية ، كما أنهم تخلصوا من داعيتهم الذي و وطن لهم
المغرب العربي ، الداعية أبي عبد الله .
وكان من الطبيعي أن نستهوي هذه الحركة القبائل الهلالية في فترة تكالب
فيها بنوا العباس على السلطة واقتطاعي الأراضي خلق استقراطية تستأثر بها
بعض الأقليات وانتشار سلطة الفرس و الأتراك وغيرهم ، واستعباد العنصر
العربي ..
3- التغريبة : مصر الصعيد المصري :
ترتبط هجرة القبائل الهلالية إلى مصر ثم إلى الصعيد المصري عند المؤرخين
بسببين على الأقل عند المؤرخين ، فهم يرون أن الفاطميين اضطروهم إلى
الصعيد علما منهم بأنهم يشكلون قوة ضاربة في أيدي القرامطة ، خاصة عندما
عزم القرامطة على قطع صلتهم بالفاطميين ،كما أن استقرار الفاطميين بمص قد
خلق فيهم استقراطية أبعدتهم عن المبادئ الأولى التي من أجلها كانت مزاعمهم
تتجه نحو الجماهير الشعبية المستضعفة ، غير أن الغرض الحقيقي الذي ينبثق
عن السببين هو محاولة إضعاف هذه القبائل ببعثها إلى أرض قاحلة ، لا تجد
فيها جموعها ما تقوم به أودها... وقد صدق اعتقاد الفاطميين عندما استشرت
فيها المجاعة الكبرى التي أرغمت الناس على استفاف التراب .
لقد كانت القبائل الهلالية –في تلك الفترة على الأقل- مازالت تحافظ على
طابعها الأعرابي القح ، وهي في معاشها لا تعتمد على ما أفرزته الطبقات
الفاطمية الجديدة ، فهي في ضعنها و ترحالها لم تتغير كثيرا عن طبيعة
منشئها الأول ، فقد استطاعت بفضل تلاحمها أن تحافظ على الطابع العربي ، في
شكله ومضمونه دون أن تمسه عوارض التحول والتغير . لقد كان لهذه الميزة
مفعولها الحي في نقل العروبة إلى اليقاع التي انتجعتها القبائل الهلالية ،
ومنها منطقة المغرب العربي .
وكان من الطبيعي أن تتلبس هذه التغريبة بأشكال شفهية من أخبار و قصص
ترويها الذاكرة الشعبية عن حركات القبيلة الداخلية في شتى تمظهراتها
الفردية و الجماعية كالبطولة و النجدة و العفة والكرم والشهامة وغيرها مما
كان محط اهتمام الفرد والقبيلة على حد سواء .
4- الهجرة إلى المغرب العربي :
قد كان الأحداث السياسية والاقتصادية الدور الفعال في تحريك الجموع
الهلالية ، وقد رأى المؤرخون أن انقلاب المعز بن باديس الصنهاجي على
الفاطميين سنة 440B ودعوته للخليفة العباسي بدل الفاطمية المستنصر أثار
أحقاد هذا الأخير ودفعه إلى التوجيه القبائل الهلالية انتقاما منه حين قطع
خطبته وبايع الخليفة العباسي قائم أبا جعفر بن قادر ، وقد وجد المؤرخون
الغربيون في هذه الحادثة فرصة لوصف قبائل الهلالية بأبشع الأوصاف . وقد
قال عنها أندريه برنيان وأندري نوشي وايف لاكوست أنها : "الحدث الفاصل
كارثة عظيمة" "التدهور الكبير الذي ليس له علاج " ويوجه ماض "وفاة المغرب
المتوسط المصاب بالفالج"(14) وتعلل المؤلفون هذه "الكارثة" تعليلا قائما
على الجهل الطبيعة العربي قائلين : "للبدوي العظيم غرائز تعاكس غرائز
الحضري . وهو فوضوي وعدم سياسيا يفضل كثيرا البلبلة على غيرها لأنها تعطي
له الفرص ، فهو مهدم رافض . فاتصاره نفسه ليس تحقيقا لأنه يقضي بنفسه على
نفسه في أجيج من تمتعات غير مألوفة"(15) . وهي أوصاف –لو صدقت ولو جزئيا-
لما قامت للعرب قائمة حضارية قط .
لقد غيرت نصيحة الوزير "اليازوري" للخليفة الفاطمية والمتعلقة بارسال
مسائل بني هلال إلى المغرب المعاقبة المعز بن باديس الصنهاجي ، مجرى تاريخ
المغرب من ناحية كما أنها أتاحت للخليفة الفاطمية غايتين :
1- التخلص من "أعراض " الذين تكاثروا كرة غدت متعلقة لحكام مصر من الفاطميين الاجتماعية والاقتصادية .
2- أن يرمي بهذه القبائل الجرارة عدوه المعز والي تونس .
ولقد صادف هذا الاقتراح الوزاري الضائقة المعيشية التي امتحات مصر سنين
بلغت ذروتها في الفترة الواقعة بين سنتين 446-454 هـ حيث عمت الفكية
البلاد الإسلامية من مصر إلى سمرقند ، ودونت عنها قصص مرعبة رهيبة حتى قيل
أنه كان يموت بمصر كل يوم عشرة آلاف نفس ، ويذكر المؤرخون أن الناس لما
عضهم الجوع بنابه أكلوا لحم الكلاب والقطط ، وأكل بعض لحم بعضهم ، وصادف
رأي –الوزير- استنفار القبائل الجائعة ، وهذا الإستنفاذ الذي أسمته القصة
الشعبية "بالتغريبة"وهي قصة حاشدة بالأحداث والبطولة ، لأن الهلاليين في
زحفهم نحو المغرب اصطدموا بسكان طرابلس وبرقة وجرت بينهم حروب وصفقها
القصة الشعبية وصنفا دقيقيا جنح فيه القاص الشعبي إلى المبالغة كثيرا(16).
يبدو أن القبائل الهلالية استطاعت محاصرة تونس (القيروان) حوالي سنة 457
هـ وتمكنت من فتحها بعد أن سقطت مقاومة المعز بن باديس الذي فر إلى
المهدية والتي مات بها أثر ذلك بعهد قصير .ومهما يكن الحكم الذي أصدره
المؤرخون ، فإن فر القبائل الهلالية كان في ترسيخ اللغة العربية في المغرب
العربي ، وهو فضل لا ينكره إلا جاحد . مادامت بصمات العرب ما زالت ماثلة
في ماض الناس إلى اليوم ... : "وما أسهم في رفض جند الأندلس إلا هؤلاء
القوم ومل صمد أمام التحديات القومية في أواخر القرن الثامن عشر إلا هؤلاء
القوم وما رفض الذوبان والانصهار في بوتقة المستعمر الفرنسي إلا هؤلاء
القوم "(17) .
5- الجزائر والقبائل الهلالية :
لم يسجل المؤرخون صداما يذكر بين القبائل الهلالية والبربرية ، إلا ما كان
من صدام منهاجة الذي أثاره المعز بن باديس دفعا لهم وهو يعلم نية الخليفة
الفاطمي ويذهب محمد نجيب البهيتي إلى أن عدم وجود صدام يذكر بين الهلالين
والبربر يرجع في جوهره التي توافق في الطبع مرده إلى جذور التاريخ الأولى
، وكأنه لقاء بين أبناء عمومة داخل أرومة واحدة ، وقد سجل مبارك الميلي في
تاريخ الجزائر هذه الحقيقة ، بل إن التعايش كان مضرب الأمثال بينهم ، مما
ساعت على استتباب الأرض و خلق جومن الأستقرار ، و قد تحدث البكري عن حواظر
عامرة آمنة بلاد المغرب في القرن ،أي بعد استقرار بني ، وتشوي أرض خصبة و
ومدن عامرة(18)
لقد كان دخول بني هلال الجزائر من ثلاثة جهات :
1- الأولى : جهة السواحل حيث نقطن كتابة ، و يضعف نفوذ صنهاجة تقدموا إليها من نواحي " باجة " فانتشروا على صراع بينهم وبين كتابة .
2- الثانية : جهة الهضاب من بين الأطلس التلي والصحراوي ،حيث
الدولةالحماية ثانية القدم ، تقدموا إليها من نواحي الأربس إلى الوادي
الساحل و جبال البيان في أيام الأدراسة ، دافعتهم ضنهاجية عن هذه الجبهة
بسبب المعز بن باديس فغلبوها على الضواحي و حاصروها بالمدن الحصينة و
القلاع المعنية .
3- ثالثة : جهة الصحراء حيث تكثر خيام زناتة الخاضعة لبني حماد ، تقدموا
إليها من ناحية سببية وتبسية ، وانتشروا جنوب أوراس على قرى الميزاب ، ثم
إلى الميزاب وجبل راشد في أيام الموحدين ، دافعتهم زناته عن هذه الجبهة
وأخيرا تقرب ما بين حياتهم وحياة العرب ، وكانت بين الفريقين مواقف صعبة ،
أكثر الهلاليون من ذكرها في أشعارهم . ولما ضعفت الدولة الموحدية ، التي
نقلت بعض قبائل بني هلال من المغرب الأوسط (الجزائر)إلى المغرب الأقصى(19)
. وحل الهيلاليون شمال المغرب الأوسط من عمالة وهران .(20)
6- قبائل بني هلال قبل الاستعمار في الغرب الجزائر :
من المعلوم أننا نركز على ثلاثة أبناء لهلال بن عامر بن صعصعة و هم :
الأثبج و رياح وزغبة . و قد كان لهؤلاء فروع و قبائل انحدرت عنهم و هي
التي استوطنت الجزائر ، و كافة بلاد المغرب العربي . غير أننا سنقصد حديثا
على زغية ، على اعتبار أنه جدا القبائل التي تقطن اليوم كافة الغرب
الجزائري مخالطة للقبائل البربرية كهوارة و مديونة و كومية و بني سنوسي و
سنحاس و غيرها .
عامر بن زغبة انتقل في عهد بني عبد الواد إلى نواحي تلمسان و استقر بجبل
تاسلة ، و نقلب أهليه بين وهران و الصحراء ، ومن صلبه أولاد يعقوب و كانت
فيهم رياسة بني عامر،و بنو شافع و بنو حميد ، وفي شافع كانت بنو مطرف و
شقارة ، و من بني حميد كانت بنو عبيد و المحارزة و العقلة و الحجر ..
كما أن مالك بن زغبة أ خو عامر تقلب بين وهران و سعيدة ومن صلبه كانت
قبائل نجيس و الحرث وسويد، ومن الحرث كانت قبائل غريب العطاف والديا لم
بنو زياد وبنو نوال، ومن الديا لم كانت العكارمة و أولاد إبراهيم ، ومن
غريب كانت قبائل بنو منيع ومنهم كانت بنو ضروع وأولاد يوسف . ومن شبابة بن
سويد كانت الحساسنة ، ومن مهاجر بن سويد كذلك كانت غفير و شافع ومالف ،
بورحمة وبوكامل و حمدان وهيرة ، ومنها كان أولاد عيسى.
ومن يزيد بن زعبة الجد الأول انتقل حميدان من سهل متيجة إلى الصحراء
العريشة في أيام يغمراس ومنهم كانت : جواب بنور زكر ، بنو موسى ، مرابعة ،
حميان ، أولاد لاحق ، معافى وبنو سعد، ومن عروه بن زغبة كانت أولاد سليمان
.(
21)
بنو هلال : المسيرة والتاريخ 185323
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى